العرب حين منحوا الأجنبي أراضيهم وثرواتهم
يمنات
د. فؤاد الصلاحي
الحروب تنتج مزيدا من الفوضى والعبث السياسي وصولا الى تدمير الانسان والارض والقيم وهنا ترتسم انماطا متجددة من العلاقات المتشوه في ملامحها ودلالاتها كنتاج لهذه الفوضى وتعبيرا عنها ..
فلما كانت الفوضى تغييبا للنظم والقوانين وحتى الاخلاق تنتج الفوضى وتتشكل معها علاقات مصالح ومنافع وترتيبات سياسية بعيدا عن موجهات الاخلاق والقيم ومنها قيم المواطنة والانتماء للوطن ..لان من يصر على الفوضى والعبث السياسي انما يؤسس لافعال مضادة من ذات النسق وتتجاوزه احيانا وبكلاهما معا يغيب الوطن في تجلياته الثقافية والرمزية كما تتقطع جغرافيته على الارض .
فالحروب الاهلية ليست تعبيرا عن مصالح لمراكز القوى وتجار الحروب فحسب بل هي ايضا تعبير عن حضور ثقافة اقصائية واستعلائية او ثقافة تدميرية تؤسس لحضور الخارج الاقليمي والدولى بالاستناد الى وكلاء محليين تسند اليهم مهمام التدمير للدولة والمجتمع ..
هنا نكون ازاء فكر بري لصيق الارتباط بالصحراء ومرحلة الضرورة وهو بجملته فكر مناهض للمدنية ولوازم الحصارة المعاصرة ..وهو فكر يُعاد انتاجه لخدمة مصالح الراسمالية المتوحشة بصورتها الاوربية والامريكية تحديدا حيث مسلكها العملاني لايستند الى قوة القانون بل الى حق القوة وهو مسلك بربري كان سائدا في عصور اوربا الوسيطة ..تلقفته الراسمالية وجعلته تنينا يأكل الشعوب الفقيرة او يدمر معالم حضارية في دول ومجتمعات ارتضي قادتها ان يكونوا وكلاء للخارج ..
بكلمة موجزة مايحدث اليوم في مجتمع العرب اشد تدميرا وقهرا مما حدث مع هولاكو وغيره من اعداء الحضارة والانسانية .. وبعض من ذلك الخطر اصاب العقل والثقافة والضمير في آن واحد .. فاي امة تتقاتل من اجل نواة وترفع سيوف وحراب ..، واي قادة يفرطون بسيادة بلادهم لجعله مسرحا لحروب الاخرين ..
العربي اليوم هو ذلك الهندي الذي كان يشعل النار طربا يرقص حولها ظنا انها تحميه من مدافع المستعمر الغربي حتى أكلته تلك المدافع ومنحت اراضيه للاستعمار ..والعرب اليوم يمنحون اراضيهم وثرواتهم وفوق ذلك يقتلون بعضهم بدون وازع من دين او ضمير مع ادعائهم انهم متدينون ..؟